روائع مختارة | روضة الدعاة | فن الدعوة (وسائل وأفكار دعوية) | حرص النبي صلى الله عليه وسلم.. على الدعوة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > فن الدعوة (وسائل وأفكار دعوية) > حرص النبي صلى الله عليه وسلم.. على الدعوة


  حرص النبي صلى الله عليه وسلم.. على الدعوة
     عدد مرات المشاهدة: 2861        عدد مرات الإرسال: 0

لقد كان هم النبي صلى الله عليه وسلم الأعظم هو هداية قومه إلى الإسلام، وكان يتألم إن لم يقبلوا الدعوة حتى أن الله تعالى أنزل في شأنه قرآنا يتلى: 

(لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين) ، أي لعلك مهلك نفسك هماً وغماً وحزناً، وقال تعالى:  (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً).

ومن هذا انطلق محمد النبي صلى الله عليه وسلم إلى دعوة قومه بكل ما يستطيعه من وسائل لكنه لم يجد من جمهورهم الأعظم إلا الصد والتكذيب، فلما مات أبو طالب وجدت قريش الفرصة سانحة لتنال من النبي صلى الله عليه وسلم ما لم تنله منه في حياة عمه.

فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يجد لدعوته أنصاراً ومنعة فصعد إلى ثقيف يتلمس منهم النصرة ورجاء أن يقبلوا عنه ما جاء به صلى الله عليه وسلم من الهدى والرشاد.

فلما وصل الطائف انتهى إلى نفر من ثقيف هم يومئذ رأس القبيلة ومجمع القوم وأشرافهم، وهم ثلاثة إخوة، عبد يا ليل ومسعود وحبيب بنو عمرو بن عمير بن عوف، فجلس إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمهم فما كان من أحدهم إلا أن قال:  هو يمرط – أي ينزع – ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك.

وقال الآخر:  أما وجد الله أحداً يرسله غيرك. وقال الثالث:  والله لا أكلمك أبداً لئن كنت رسولاً من الله كما تقول لأنت أعظم خطراً من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك. .

وهذا موقف من أصعب المواقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي، فلما يئس منهم قام وقال لهم:  إذ فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني، وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ الخبر قومه.

لكنهم لم يفعلوا قبحهم الله وأغروا به سفهاءهم يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس يرمونه بالحجارة حتى أدموا قدميه الشريفتين، فلما انصرف عنهم دعا الله تعالى بدعاء عجيب، (اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين:  أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني؟

إلى بعيد يتجهمني أو إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو تحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك).

والعجيب أنه صلى الله عليه وسلم بعدما لاقى من ثقيف لم يفتر ولم يمل من الدعوة، فقد دعا عداس - وهو غلام لابني ربيعة عتبة وشيبة- إلى الإسلام، ونزل إليه ملك الجبال في موقف مؤثر يقول عنه صلى الله عليه وسلم:  (انطلقت على وجهي وأنا مهموم فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني.

وقال:  إن الله تعالى قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال فسلَّم علي ثم قال:  يا محمد:  إن الله قد سمع قول قومك وأنا ملك الجبال قد بعثني الله عز وجل لتأمرني بما شئت فيهم إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين – جبلي مكة – فقال النبي صلى الله عليه وسلم:  بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل ولا يشرك به شيئاً).

الله أكبر، هذه نفس شريفة بل عزيزة بل هي أعظم أنفس المخلوقين وأشرفها، لا يحمل ضغينة ولا يمل من الدعوة، ولا تؤثر فيه سلباً الأحداث العظام، فيا ليت الدعاة في هذا العصر يقتدون بهذا النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم.
 

الكاتب: الدكتور محمد موسى الشريف

المصدر: موقع التاريخ